فن كتابة اليوميات

منذُ بضع سنين إلى الآن وأنا أكتب يومياتي بين الحين والآخر. أتذكر ذات مرةٍ  قالت الإعلامية أوبرا إنها تحتفظ بمجلة "امتنان" التي تتضمن عادات الأشخاص الناجحين في تدوين يومياتهم، حينها كان الكتاب الذي أقرأه "مُعجزة الصباح - من أجل روتين صباحي رائع وكتابة اليوميات" يتضمن جزء من هذه العادات. ولكنني  في مارس 2020  ألتزمت حقاً بكتابة اليوميات.

في ظل جائحة كورونا أُجبرنا على التقليل من الأنشطة الخارجية وقضاء وقتنا بالمكوث في المنزل. استغليت الوضع وبدأت في قراءة كتاب "طريق الفنان" لجوليا كاميرون. ذلك الكتاب اقترحته لي صديقتي وفاء العبيدات مراراً وتكرارً، الأمر الذي أدى في النهاية إلى أن تصطحبني للمكتبة لشرائه، ومن هنا بدأ كل شي.



كانت محاولتي الأولى في كتابة اليوميات عندما كان عمري 10 سنوات، حينها اعتقدت أنه علي أن أسجل واحتفظ بمذكراتي الخاصة. وإليكم إحدى الموضوعات التي دونتها. لقد دخلت لمرةٍ واحدة فقط، المطبخ غاضبةً على والدتي، عندما طلبت مني المساعدة في غسل التفاحات الصغيرة التي أحضرها والدي إلى المنزل، والتي من المحتمل لا يأكلها أحداً سواي. أنا لا أحب غسل أي شي، حتى أنني كنت أطبخ دون أن أغسل الأطباق التي استخدمتها. أعتقد عندما دونت ذلك إنني ظلمت والدتي في تكليفي بهذه المهمة. اليوم أقول في نفسي لقد كنت حقاً طفلة مدللة، وأتمنى لو كان لدي المزيد من التفاصيل لفهم ذاتي الصغيرة وأفكاري في ذلك الوقت.

بدأت رحلتي في كتابة اليوميات مجدداً بعد أن قرأت كتاب "معجزة الصباح". دونت المذكرات وأنا مستمتعة والتي تضمنت جميع ما يحدث لي من لحظات امتنان والنعم التي تحيط بي، حتى أنني أغير في روتيني من يوم لآخر لتجنب التكرار. ظليت مستمرة على هذا المنوال إلى أن شعرت بالملل من ذلك.

سرعان ما تغيرت الأمور بعد إن قرأت كتاب "طريق الفنان". يهدف الكتاب إلى إطلاق العنان للإبداع في أي شخص، حيث إنه يطلب أن تكتب ثلاث صفحات كل يوم دون إن تشعر بالفشل في الكتابة. قررت إن أعطي نفسي فرصة حقيقية وقمت بتدوين  12  فصل من اليوميات لمدة 14 أسبوعاً .سررت بالكتابة حتى إنني قمت بالإطالة في الفصلين الأخيرين على مدار أسبوعين خشية إن تنفذ مني الموضوعات التي أكتب عنها.

المهمة الأولى التي يقترحها الكتاب هي كتابة ثلاث صفحات كل يوم تحت مسمى "صفحات الصباح" . في البداية، كنت قلقة بشأن قدرتي على ملء ثلاث صفحات، لكنني أدركت إن الأمر بسيط فقد استطعت ملئها بالكامل.

في نهاية كل فصل وأسبوع، يجب كتابة أسئلة من شأنها أن تلهمكم لملء هذه الصفحات. ظليت اتسائل في نفسي كيف توصلت إلى كل هذه الأسئلة؟   تضمنت الأسئلة التي كتبتها على مشاعري، ورغباتي، وطموحاتي. قد كتبتها بطريقتي المفضلة في دفتر الندى لاحتوائه على غلاف الفن الجميل والورق الداخلي الناعم.



تغطي فصول الكتاب مواضيع متنوعة، بعضها إيجابي ويسهل الكتابة عنه، بينما البعض الآخر يتحدث عن المشاعر السلبية والمواقف الصعبة. كتبت ثلاث صفحات، وحاولت أن أبذل قصارى جهدي كل صباح على تدوين يومياتي، وقد فاتني يوماً أو يومين على ما أعتقد .

عندما أوشكت على الإنتهاء من الكتاب، بدأت أقلق بشأن تدوين الموضوعات اليومية التالية. حينما انهيت القراءة ظهرت الموضوعات الجديدة وهي مشروع عملي التالي، والحالة العاطفية التي كنت فيها، والمهمة التالية، والخطوة التالية، وهكذا نَمت القائمة التي قلقت بشأنها. جعلت الكتابة بمثابة صديق أتحدث معه، وأناقشه أي أفكاري، أو المشاكل التي كانت محبطة بالنسبة لي. بدون شك أصبحت كتابة المذكرات مثل المعالج أو المستشار المخلص الذي يمكنني التحدث إليه يومياً.

لكي تشعروا بذلك عليكم أن تتعلموا كيف تتحدثون مع أنفسكم من خلال كتابة اليوميات. تحتاجون إلى منح أنفسكم فرصة الاندماج في كتابة المذكرات والاعتياد عليها بشكل يومي من أجل استخلاص فوائدها.

 لو طلب مني اليوم اختيار شيئين من عاداتي الصباحية، فستكون بلِا شك جلسة يوغا مدتها عشر دقائق، وثلاث صفحات لأكتب يومياتي. أصبح ذلك ادمان إيجابي أدركت من خلاله إن الكتابة علمتني المزيد من الأشياء عن نفسي، وأعطتني فرصة التركيز على ما أريد وما يجب أن أكرس وقتي فيه.


اتسائل ماهي الفوائد التي سَتعثرون عليها عندما تدونون يومياتكم.

لكم خالص الحب 

ندى علوي

 




1 comment


  • Iro Smith

    You’ve come A LONG WAY girl, and you have done wonderful. You are an inspiration and j admire you gift that. And I do love you Nada


اترك تعليقًا